Dienstag, 27. Januar 2009

Ankunft - Arabisch وصول

۲٨ ديسمبر ٢۰۰٨

فهمت من الرسومات ثلاثية الأبعاد الموضحة على الشاشة أننا كنا نحلق فوق البحر الأحمر ثم توجهنا نحو اليمن. أخذ الرجل الجالس إلى جواري يصلي. وكان قد غفا قليلا أثناء الرحلة التي استمرت طوال أربع ساعات منذ أن أقلعنا من اسطنبول، بينما ظل طوال الوقت المتبقي يقرأ القرآن بصوت عال، وقد بسط يديه على حجره. في تلك الأثناء كنت أنا مشغولا بحروف اللغة العربية، التي كنت قد سجلتها على جهاز ال mp3 الخاص بي. إلا أنني فزعت مرتين عندما رفع الرجل رأسه في حركة مفاجئة ليحملق في شاشة التليفزيون الذي كان يعرض فيلم "المومياء" لتغوص ذقنه في صدره مرة أخرى ببطء حيث يكرس نفسه لقراءة القرآن.

كان هذا الرجل أحد اليمنيين القلائل الذين كانوا على متن الطائرة. وقد كان قرابة تسعين بالمائة من الركاب تقريبا من الأجانب. فقد سمعت من يتحدث اللغة الإيطالية والبولندية والألمانية. بينما كان يصعب القول ما إذا كانوا سائحين أم أشخاص يعملون في صنعاء أم يشاركون في الخدمات التنموية أو ممن يزورون أصدقاء.

كانت الأرض تقترب كثيرا خارج الطائرة. وقد ذكرتني النقاط الصفراء المتناثرة أسفل بسلسة الأنوار التى كانت تمتد فوق الأرض المظلمة في شكل نموذج غير مرتب، ولعل السبب في ذلك يكمن في أن احتفالات أعياد الميلاد لم يمض عليها وقت طويل. وما هي إلا دقائق معدودة حتى اختفى الوهج المتناثر مرة أخرى ولم يعد هناك شيء يومض لمدة ثوان سوى تلك الأنوار الكائنة فى جناح الطائرة، حتى انخفضت الطائرة أخيرا لتظهر سلسة أضواء مدينة صنعاء على استحياء. لم يكن هناك بحر من المصابيح الوهاجة والأشعة ومصابيح النيون. لم يكن هناك سوى مشاعل متباعدة، ضوء خافت، كما لو كانت هناك مصفاة من اللون الأمغر تقبع فوق المدينة.

هبطنا بعد منتصف الليل بساعة ونصف الساعة. أغلق الرجل الجالس إلى جواري مصحفه وابتسم لي. ثم قال بالإنجليزية: "مرحبا بك في اليمن."

كانت هناك لافتة صفراء صغيرة معلقة فوق شباك في صالة الوصول وقد كتب عليها كلمة„Visa“ أى "التأشيرة". فوقفت في الطابور وانتظرت. وعندما حل دوري أظهرت جوازسفري الصادر من لوكسمبورج. عندئذ شعر كلا الموظفين بالحيرة، لوكسمبورج؟

طلبا مني أن أتنحى جانبا وبدآ في إنهاء إجراءات الآخرين. نفذت مرتدا لأستند إلى الشباك وحاولت أن أوضح لهما أين تقع لوكسمبورج، كما ذكرت ألمانيا في حديثي، إلا أن ذلك لم يساعد في شيىء. ولكنني لم أيأس رغم ذلك حتى أمسك أحدهما بسماعة التليفون. وبعد ذلك بقليل خطا نحوي رجل قصير يرتدي زيا رسميا وحياني بلطف ثم نظر إلى جواز سفري وقال مرتين: " لوكسمبورج، لوكسمبورج" فحصلت بعدها مباشرة على التأشيرة. لم أتمكن من إدراك الفارق بين وقع كلمة لوكسمبورج الصادرة عنه وتلك التي قلتها، ولكنني سُمِح لي بالتوجه إلى شباك مراجعة الجوازات، حيث أخذ الموظف المسئول به يقارن جوازي ببطاقة دخول مختلفة ويتعجب من اختلاف الأسماء، حتى أوضحت له سبب اللبس وأزلت سوء الفهم فضحك كلانا. إلا أن مسألة لوكسمبورج هذه بدأت تتسبب في الحرج مرة أخرى. وكان السؤال هو كم شهر يحق لشخص من لوكسمبورج الإقامة بالبلاد؟ وهو ما تطلب استدعاء الرجل صاحب الزي الرسمي مجددا طلبا لمشورته. أخذ الرجل يهز رأسه وهو يشير إلى كلمة "الاتحاد الأوروبي" المكتوبة على غلاف الجواز‘ ثم دار بعينيه قبل أن يلتفت إلي ويقول بالإنجليزية: الأوروبيون جميعا يعاملون بالمثل."

فصاح الموظف الجالس خلف الشباك بصوت عال "ثلاثة أشهر"، ثم دوى صوت وضع الختم على أوراقي.

كان سعيد السائق ينتظرني في الخارج. ويعمل سعيد في البيت الألماني بصنعاء، ذلك المكان الذي أدين إليه بالشكر لمنحي الفرصة للمشاركة في برنامج إقامة الكُتَاب باليمن. أراد السائق أن يعرف على الفور إذا كنت أتحدث العربية. فأجبته بالنفي ثم صححت إجابتي بأننى أعرف كلمات مثل "نعم" و "لا" و" أيوة، الأكل تمام"، وهو ما تبعته الضحكات.

سرنا مسافة طويلة في شارع كبير به محال مغلقة الأبواب على كلا الجانبين. ولم يكن هناك أحد يسير في الشارع بخلاف الجيش الذي يحرس المطار وقسم الشرطة. بدت صنعاء هادئة للغاية. حيث اصطفت المنازل المشيدة من الطوب الأحمر في طوابق متعددة إلى جانب الشارع، وقد زينتها زخارف من الجبس قبعت بداخلها الأضواء الاصطناعية كما لو كانت طيورا نادرة. سرنا عبر سايلة ، الحوض الجاف الأسفلتي، الذي لم يكن الماء يسيل به إلا عنما ينهمر المطر الغزير، ولكنه كان يستخدم كشارع دون ذلك. أوقف السائق سعيد السيارة ثم حمل حقيبتي على كتفيه ومررنا بحديقة كبيرة حتى وصلنا إلى البيت الذي سأقطنه طوال الأسابيع الأربعة القادمة.