Dienstag, 27. Januar 2009

Nacht - Arabisch ليلة

١٦يناير ۲۰۰٩

يقال أن صنعاء لا تعرف حياة الليل. حيث يسود الهدوء المدينة عندما تغلق المحال في السوق أبوابها حوالي التاسعة مساءا. ولا يتسامر الرجال سوى في عطلات نهاية الأسبوع داخل الخيام المقامة لحفلات الزفاف التي تستمر حتى مطلع الفجر، بينما تحتفل النساء بعقد القران في البيت. كما أنه لا توجد حانات أو دور سينما أو مسرح في عاصمة اليمن، ولكن هناك نادى الروسي، وهو بمثابة موقع لملتقى يتخذ من أحد المجمعات السكنية للأجانب مقرا له ويبقى مغلقا حتى الساعة الحادية عشرة مساءا.

يستوقفنا الجنود اليمنيون عند المدخل ويفتحوا أبواب السيارة ليسألوننا إذا كنا نحمل معنا أسلحة الكلاشينكوف. ونجيب نحن بالنفي.

يقول أحد الجنود وقد ارتدى معطفا مفتوحا وقبعة معوجة فوق رأسه:

- عندما تحضروا أسلحة أرجو ألا تكون من الصين، فهي أسلحة لافائدة منها.

ويضحك الجميع.

وبعد أن سددنا رسوم الدخول، إذا بنا نلج إلى غرفة ذات إضاءة ضعيفة، لا تزيد مساحتها عن نصف صالة ألعاب رياضية. ويذكرك الديكور الداخلي لها بأحد مراقص القرى في ألمانيا. فالأرضية مغطاة ببلاط أسود وأبيض وضعت عليه كراسى من الخشب المقلد رخيص الثمن. بينما امتدت على الجدران ستائر متهدلة ذات طابع شرقي إلى حد ما، ولكنها في النهاية تذكرك بغرفة العرض بمحلات كارشتادت. ويكمن الاختلاف عن الرقص في القرية في التقاء حوالي ١٥جنسية هنا أثناء الليل. أما صاحب المكان نفسه فهو من ليتوانيا ولكنه خدم في الجيش السوفيتي، لذا يعتبره الجميع هنا روسيا. كما أنه لا يفعل أي شيء ليصحح هذا اللبس.

- أنا مدخن وسكير ومالك.

بهذه الكلمات قدم نفسه إلي قبل أن يبعدني عن زاوية البار التي هي مخصصة للخدمة على حد قوله. كما نصحني بالتوجه للأمام إذا كنت أرغب في البقاء عند النضد. كان وجهه يتميز بنفس الملامح الودية لليمونة المعصورة، بينما كان يسكب معلبات الجعة في الأكواب. وخلف ظهره كانت عارضات الأزياء العالميات لا يتوقفن عن السير على منصة التلفاز. إنه يملك المحل منذ عشر سنوات ويدعي الآن أنه أفضل شيء كان يمكن أن يحدث له، أو ببساطة أن هذا هو ما تخيله تحت مفهوم الحياة الجيدة. لم تفلت ابتسامة واحدة لترتسم على وجهه وهو يقول جملته الأخيرة. بل أنه زجر فتاة إثيوبية ترتدي تنورة حمراء قصيرة جدا لتنتظر حتى ينهي حديثه معي بدلا من أن تتجرأ على طلب شيء.

يوجه ذلك الرجل القادم من ريجا خليط الموسيقى المتوحشة عبر جهاز الكمبيوتر المحمول ليتحول إلى أنغام ديسكو الثمانينيات. لم أكن قد سمعت أغلب هذه الأغاني مطلقا. ولم أتعرف إلا على أغنيات فريق Modern Talking والمطرب توم جونز. يؤدي بعض المراهقين الفلبينيين حركات مدروسة مع الإيقاع أمام مرآة ضخمة تحد ساحة الرقص من أحد الجوانب. بينما يدور بعض اليابانيين حول أعمدة سلاسل الأنوار في المنتصف. هناك رجل أعمال تركي يرتدي بذلة ورباط عنق يصطحب رفيقته الصومالية إلى إحدى الطاولات. وقد جلس على طاولة أخرى مجموعة من الألمان العاملين في المساعدات التنموية. كما وقف الفرنسيون والإنجليز إلى جانب باب المدخل. بينما يحتسي أهل أوزبكستان الشراب عند النضد. يعرض فرانك صورا لصديقته السابقة على هاتفه المحمول. وفرانك هو شاب أمريكي من تكساس في منتصف الثلاثينات كان يعمل في البحرية سابقا، وهو الآن مدير للأمن في إحدى شركات البترول.

وقال موضحا:

- لقد كانت رفيقة لعب. ودعتني العام الماضي إلى الحفل الكبير لدى هيوج هيفنر. ياله من أمر رائع!

أشرقت عيناه لتلمح إلى ما يمكن أن نتخيله من جراء هذه الصيحة. كان يرى أن الموسيقى هنا في نادي الروسي سيئة، فهو يفضل الموسيقى الريفية للتسعينيات.

سألته إذا كان يعتقد أن سياسة الولايات المتحدة ستتغير كثيرا أثناء تولي أوباما السلطة. فهز رأسه وقال أن أوباما ليس إلا إنسان يواجه أزمات الصناعة. ويضيف فرانك أنه كان قد صوت لصالح ماكين، بل وشارك في المعركة الانتخابية. وقال أن بوش ارتكب أخطاءا حقا ولكنه رجل بمعنى الكلمة كان يسير دائما بشكل مستقيم. فأجبته بأننا نتعجب حتى اليوم من ثمار استقامته في العالم كله. هز فرانك كتفيه ورد قائلا:

- لقد ذكرت أنه ارتكب أخطاءا

ثم طلب لي جعة مرة أخرى. وعندما عرف أننى كاتب قال ان هذا أمر "رائع" ولكنه بعض أن تناول عدد لا يستهان به من أكواب الجعة أصبح يهتم بالحاضرين من النساء أكثر من رواياتي ، وهو الأمر الذى تناسب مع الموقف. حيث أن ساقي اليمنى التي أرقص بها أخذت تهتز تحت وطأة الموسيقى التي يعاقب بها هذا الليتواني جمهوره.

حوالي الرابعة صباحا يخلو النادي الروسي تدريجيا من رواده. في المرة السابقة رقصت كثيرا رقصة الكرنفال. هاهو شارع حدا، أكبر شوارع التسوق أثناء النهار بالمدينة وقد بدا كما لو كان ظلال لنفسه قي ضوء القمر. هناك رجلان استلقيا على الرصيف وقد غطيا أنفسيهما بالكرتون. وما هي إلا نصف ساعة حتى ينادي المؤذن للصلاة.

ترجمة: د. علا عبد الجواد