Dienstag, 27. Januar 2009

Häuser - Arabisch منازل

۲٩ ديسمبر ۲۰۰٨

إجتزت جسرا لأعبر سايلة صنعاء وأنا أتجول في اتجاه ميدان التحرير، وأخذت أشاهد الأطفال وهم يطلقون أعيرة بنادقهم الهوائية، كما رأيت صور الرئيس المعروضة للبيع، ثم سرت بلا هدف عبر الشوارع في محاولة لشراء بطاقة تليفون يمنية لتليفونى المحمول، وهو الأمر الذي باء بالفشل بسبب مشاكل اللغة لينتهي بي المطاف في النهاية وسط إحدى المظاهرات. ونظرا لأنني لم أكن قد قرأت أية جرائد منذ يومين كما لم أشاهد التليفزيون فقد حاولت أن أستكشف المكتوب على اللافتة التي يحملها أحد الرجال الجالسين على سطح سيارة. بينما تعالت خلفهم الهتافات بشعارات ما. إلا أنه لم يتمكن أحد من أن يشرح لي ما يجري. فقد وقفت اللغة حائلا بيني وبين من سألتهم. وصلت المظاهرات حتى ميدان التحرير، كما أخذت جموع من الرجال تتوافد من الشوارع الأخرى. وراحوا يتجمعون مثل أذناب نجم. وحيث أن الصور تشكل جزءا أساسيا من عملى في الكتابة، حيث ألجأ إليها دائما لوصف الأماكن والوقائع، فقد أمسكت بالكاميرا في تلك اللحظة والتقطت الصور. نظر إلي بعض الرجال وقد قطبوا جبينهم، بينما رفع آخرون الأصبعين الدالين على علامة النصر. ثم واصلت التسكع. مساء اليوم سيحكي لي ديرك عن التصعيد الذي طرأ على الموقف في قطاع غزة، فهو يعمل في هيئة المعونة الألمانية كما أنني أسكن في بيته. الآن فقط فهمت ما كان الرجل القادم تجاهي يردده في أذني. فقد كان يردد كلمة تشبه "خزا خزا". كان يقول إذا "غزة، غزة". كان علي أن أبدأ مبكرا بعض الشيء في تعلم اللغة العربية.

في الستينيات كانت مدينة صنعاء القديمة موجودة داخل أسوار المدينة أما سايلة، أو الحوض الجاف فلم تكن سوى أرض متربة. كان هناك حوالي (٥۰۰۰۰). خمسون ألف شخص يسكنون هنا. واليوم وبعد مرور خمس وأربعين( ٤٥) عاما وصل عدد السكان إلى المليونين. يضخ الناس هنا الماء من آبار خاصة داخل المنازل يبلغ عمقها حوالي ستين (٦۰)مترا. فقد أراني حسين واحدا من تلك الآبار عندما دعاني إلى بيته، حيث شد الحبل عاليا وقد علق فيه قربة من جلد الماعز. وفي الطابق الأوسط كانت هناك ثلاث درجات خشبية في الحائط يمكن تحريكها وكانت تفضي إلى حجرة الخزين. صعدنا السلالم الدائرية المصنوعة من الحجر المصمت والتى تلتف حول الأعمدة الأساسية للبيت، فلاحظت أن الهواء القليل يتسبب لي في الشعور بضيق النفس. صحيح أن صنعاء لايزيد ارتفاعها عن سطح البحر أكثر من ۲۳۰۰مترا، إلا أنك عندما تصعد الدرج بسرعة تشعر بنقص الهواء. أشار حسين إلى غرفة صغيرة ومظلمة مزودة بباب يصل ارتفاعه حتى سرتي. وكانت الغرفة معتمة للغاية بالداخل. قال حسين: "أحتاج إلى هذه الغرفة عندما أتشاجر مع زوجتي." قالها ثم انفجر ضاحكا. وفي الطابق العلوى كان هناك مفرج، وهى غرفة تصطف بمحاذاة جدرانها وسائد للجلوس وتستخدم بمثابة قاعة لاستقبال الضيوف . حيث تبدأ النوافذ بها على مستوى الأرض حتى يتمكن الجالسون عليها من النظر إلى الخارج. كما كانت فوقها قمريات على شكل نصف دائرة، لتطل أضواء علوية من زخارف الجبس المعشق بها الزجاج الملون. أم الضوء الساقط داخل الغرفة فكان يعكس علامة ملونة على الأرض الحجرية، أو على الأقل في المكان غير المغطى بالسجاجيد. فى منتصف القاعة كانت هناك نرجيلة كبيرة وضع على صينية بجوارها إبريق وأكواب شاي. إلا أن حسين أوضح لي أن هذه الغرفة ليست مفرج البيت. فقد كان المفرج في آخر طابق بالبيت، ولكنها كانت حجرة القاضي، وهي حجرة تلتقي فيها الأطراف المتنازعة ليحل القاضي لهم مشاكلهم بالحوار. وكانت مكتبة حسين تحتل موقعها إلى جانب حجرة القاضي، إلا أنني لم يكن مسموح لي بدخولها لسبب لا أعلمه. كان البيت بأكمله مشيد من الطوب الأحمر، بينما كانت الغرف البينية معزولة بفواصل حجرية وطين. وكانت الحوائط مغطاة بطبقة سمكها 50 سنتيمترا من شأنها أن تقاوم برودة الليل، حيث لم يكن هناك تدفئة بالبيوت رغم أن درجة الحرارة تنخفض في الشتاء لتصل إلى درجة واحد مئوية. وفي النهار تستعيد الأسوار الدفء مع درجة الحرارة البالغة ۲۰درجة مئوية والشمس الساطعة. ولكنها تبعث برودة في الصيف.

كان منظر المدينة رائعا من فوق سطح البيت. حيث كان كل بيت يبدو أجمل من المنزل المجاور له. كان بإمكاني قضاء ساعات كاملة هنا أعلى البيت. أطباق الأقمار الصناعية تعتلي أسطح المنازل المحيطة، كما أن الغسيل قد نشر أعلاها ليجف، وتراصت خزانات المياة الضخمة. كانت الأفنية الصغيرة بزواياها المستديرة تبدو كما لو كانت قد وضعت من أعلى داخل صندوق البناء المعماري.

قال حسين أنه تعلم الإنجليزية من السياح فقط وليس في المدرسة. كما أنه يتمنى حضور المزيد من السياح لأن ذلك يفيد بلده.

سألته " أعداد غفيرة من السياح في صنعاء؟"

ضحك حسين فظهرت أسنانه وأجاب قائلا: "لن يأتي الكثيرون. فلا يطير سوى القليل من الناس كل هذه المسافة ليروا مدينة واحدة. ولكنك حسنا فعلت بقدومك."

وكان حسين شأنه شأن أغلب أهل اليمن يحمل خنجرا معقوفا، الجمبية، وقد تدلى من الحزام العريض المرصع الذى يلتف حول الرداء الأبيض الطويل من عند الخصر. وكان يعلق فوق كتفيه معطف عسكرية شتوي أخضر اللون. بينما كنت أنا أشعر بحرارة شديدة رغم أنني لا أرتدي سوي القميص.