Dienstag, 27. Januar 2009

Lesen - Arabisch القراء

۱۱يناير ٢۰۰٩

عندما كنت أنتظر سيارة أجرة عند سايلة توقف أمامي رجل على دراجة بخارية. ورغم أنه لم يكن في فمه سوى بضع أسنان قليلة وداكنة اللون، إلا أن ابتسامته المشرقة كان لها تأثير معد.

قال:

-هدية.

ثم قدم لي كتيب عن الإسلام لينسل مرة أخرى وسط المرور المزدحم. ولم تكن هذه هي الإشارة الأولى على أنني أعتنق الديانة الخاطئة. حيث إن الخياطين الذين يعملون في ذلك الخُن الضيق الكائن بجوار محل إقامتي قد دسوا في يدي قبل ذلك ملزمة أوراق مطوية مكتوب عليها بخط كبير "مرحبا بكم في اليمن". وقرأت بها أنه لايمكن لأحد أن يفهم الحضارة اليمنية إذا لم يفهم الإسلام. ثم أفردت صفحات كثيرة لشرح أركان الإسلام ، وأن النساء يجب أن يرتدين الحجاب حتى لا يغري جمالهن الرجال على ارتكاب المعاصي. إلا أنه لم يرد ذكر السبب في عدم قيام الرجال بأي شيء لمقاومة غرائزهم أو التحكم في أنفسهم، وفي أن يظل هذا هو واجب النساء وحدهن. ولكنني قرأت أن الخاسر في النهاية هو من يعتنق ديانة أخرى غير الإسلام. قد يكون المقصود من هذا التحذير خيرا ولكن وقعه على المسيحي المؤمن ليس طيبا على الإطلاق. خاصة عندما تفكر أن عقوبة محاولة التبشير هنا في هذا البلد هي السجن. ولكن الخياطين وذلك الرجل سائق الدراجة البخارية نفذا واجبهم بوصفهم مسلمين مؤمنين وأرادوا الأفضل لي فحسب. فقد كان ما سلمه لي الأخير يتخطى كونه مدخل أو مقدمة في الإسلام، ولكنه كان عبارة عن مجموعة تتكون من ستة كتيبات تتناول موضوعات متخصصة هي: القرآن والعلوم الحديثة، الحياة بعد الموت، وضع المرآة في الإسلام وخلافه. وشارك في تأليفه مجموعة مختلفة من العلماء. وقد احتفظت بهذه المطالعات لوقت لاحق.

هناك قلب أحمر صارخ معلق على المرآة الخلفية لسيارة الأجرة، إلى جانب بعض الزهور البلاستيكية التي تجمل لوحة المفاتيح. كنا في طريقنا إلى الجامعة، حيث من المفترض أن أقرأ مقتطفات من أحد كتبي في كلية آداب اللغة الألمانية بها. كان حرم الجامعة واسعا، إذ أن قاعات المحاضرات ومقار المبيت كانت متناثرة بعيدا عن بعضها البعض فوق الأراضي الترابية. لم يكن هناك سوى بعض الشوارع الرئيسية الممهدة بطبقة أسفلتية. وهناك أكشاك صغيرة تبيع ما يحتاج إليه الطلاب من مشروبات ومأكولات. كما نصبت خلف بوابة المدخل مباشرة خيمة مخصصة للتبرع بالدم وقد اصطف أمامها حشد من الطلبة الذكور ينتظرون حتى يخلو أحد الكراسي لتوجهوا إليه ويقدموا دمائهم من أجل ضحايا قطاع غزة.

في قاعة المحاضرات كانت الملصقات التي تحوي صور موتيفات من ألمانيا معلقة على الجدران. حيث رأيت قصر نويشفانشتاين، وصور من مدينتي لايبزيج وإيرفورت. استقرت الطالبات في الصفوف الخلفية على الجانب الأيسر، بينما احتل زملاؤهم الذكور الجانب الآخر والمقاعد الأمامية، حيث أنهم يشكلون الغالبية. وبعد قرائتي مباشرة كانت لديهم أسئلة كثيرة جدا. فمنهم من كان يريد أن يعرف إذا كنت أنوي تأليف كتاب عن اليمن . ووجه إلي آخر سؤال عن الفرق بين الأدب المكتوب باللغة الألمانية القديم منه والحديث. وأسئلة أخرى مثل:

- ما هو موضوعك الأساسي؟

- هل تريد أن تصف نهاية العالم من خلال قصتك "ملاحظات"؟

- هل القواعد النحوية ضرورية للأدب؟

إستغرق الأمر بعض الوقت حتى بدأت الطالبات بدورهن في توجيه الأسئلة. كانت إحداهن تريد أن تعرف إذا كانت النساء أيضا يلعبن دورا في أعمالي. وسألت أخريات:

- ما هو الضرب الأدبي الذى تفضله؟

- ما رأيك اليوم في أول كتبك؟

مر الوقت كما لو كان يطير. وكانت خطوط ضوء الشمس تتخلل ألواح الزجاج لتنفذ إلى ظهر الكتاب، بينما أخذت الأسئلة تتلاحق . إن الطلبة والطالبات يقرأون في الغالب أعمال الأدباء الألمان القدامى، كما يضم برنامج دراستهم الأدباء بورشرت وكافكا وهيسه. حتى أن أحدهم ذكر أنّا زيجرس.

وفي النهاية أرادت إحدى الطالبات أن تعرف أين يمكنها أن تقرأ كتبي. حسنا، لابد إذن أن تقدم دار نشر زوركامب تبرعا من الكتب إلى جامعة صنعاء.