Dienstag, 27. Januar 2009

Geschichten - Arabisch قصص

٥ يناير ٢۰۰٩

خلفت محال الحلي ورائي وقد جلس أمامها باعة الخبز وملمعو الأحذية، ثم هبطت الدرجات لأعبر نفق المشاة المؤدي إلى ميدان التحرير. هنا تحت الأرض كذلك تجد المحال والباعة الجائلين جالسين على درجات السلم ليعرضوا قوارير العطر. وكانت هناك سيدة منقبة بشكل تام تقبع هناك يوميا مع ابنتيها اللتان استلقتا أمامها فوق قطعة من الورق المقوى وعادة ما تكونا نائمتين أو أنهما تغلقان أعينهما على الأقل. وهناك بعض قطع النقود المعدنية الملقاة في حجرها، بينما هي لا تتحرك ولا تتحدث إلى أحد وتكتفي بأن تغوص بذقنها في صدرها كما لو كانت هي أيضا غافية. إنه مشهد يثير الشفقة.

صاح أحمد بعد أن لفت نظره إلى هذه السيدة:

- هذا هو تماما ما يريدونه. وكثير ما يخفي ذلك جريمة وراءه، فأنت لا تعرف مطلقا إذا ما كانت تلك هي نفس السيدة التى تجلس هنا. حيث أنك لا ترى منها شيئا. كما أنهن يستخدمن الأطفال فحسب بدلا من أن يرسلونهم إلى المدرسة.

أجبته قائلا:

- ولكن لعلها تكون فقيرة فعلا.

فرد أحمد:

- لا أحد يتسول وهو يصطحب أطفاله.

وأضاف دون أن يتقبل أى اعتراض أنه هناك الكثير من الفقراء في البلاد وهم إما عاطلين عن العمل أو أنهم يتقاضون القليل من المال حتى أنهم يضطرون للعمل في وظيفة ثانية بل وثالثة. وأضاف أنه هو نفسه يتعين عليه أن يطعم أطفاله الخمس ولكن رغم ذلك هناك حدود لكل شيء.

أشار أحمد إلى مقر فرع اتحاد الكُتّاب الكائن في شارع القصر أمام نضد العصير الذى تأسس حديثا وقد برز بألوانه الزاهية على حافة الشارع. حيث كان من المفترض أن ألتقى هناك بكاتب يمني.

قال أحمد مودعا إياي:

- لقد ساعدتك والآن قلتساعدني أنت أيضا.

ثم مد يده إلي وقد بسطها.

كان هناك رجل كبير السن يجلس على الأرض خلف باب مدخل المبنى مباشرة وأمامه مطحنة صغيرة مملؤة بالأوراق المطحونة. وحيث أنه لم يعد لديه أسنان كي يلوك بها القات، فهو يزج الفتافيت الصغيرة في فمه مستخدما ملعقة، ويكومها بين طيات وجنته.

دخلت حجرة خاوية من الأثاث في الطابق الثالث، ليس بها سوي سجادة رمادية اللون ومكتبان. وكان هناك مصباح صغير مدلى من السقف دون غطاء. وشيئا فشيئا بدأ الكُتّاب في الحضور، كلهم أعضاء في رابطة القصص (الماقة) ممن يهتمون بنقل الحكايات اليمنية شفهيا. ورئيس هذه الرابطة هو السيد محمد الغربي عمران، نائب محافظ مدينة صنعاء، وهو رجل نشيط وودود يرتدى شبشبا وقميصا مخططا تحته تي شيرت بيضاء. وقد قدمنا السيد جويدو زيبيش، مدير البيت الألماني، إلى بعضنا البعض وقام بالترجمة لنا حيث أنني لا أتحدث العربية بينما لا يتحدث الكُتاب دونها.

سعيد الفقيه، وهو رجل نحيل يرتدي الخنجر المقوس في حزامه يريد أن يعرف ما الذي يثير اهتمامي في اليمن. فأرد أنا بقولي أن كل شيء يهمني، إلا أنني أود في المقام الأول أن أتعرف على الحياة اليومية للناس. حيث أنه بإمكاني أن أقرأ الكثير عن المزارات السياحية والتاريخ في الكتب في ألمانيا كذلك. أما ما يفكر فيه رجل الشارع أو طالبة الجامعة فلا. لذا أفضل حضور حفل زفاف أو مأتم عن زيارة المتحف.

أجاب محمد عمران:

- ليس هناك مشكلة، سوف نقتل أحدا من أجلك غدا. ثم نعثر على شخص آخر عليه أن يتزوج.


ليس هناك قطاعا للنشر في اليمن.

ويقول بسام شمس الدين"

- ينشر الكُتاب كتبهم في دور النشر الخاصة بهم. ويطبعون عدد مائتي (۲۰۰) نسخة فقط. بل ويتعين عليهم توزيعها بأنفسهم.

ويضيف محمد عمران:

- في الوقت الحالي تعد طباعة الكتب أمرا صعبا في كل الأحوال. حيث أن المطبعة التي كان الكتاب يستخدمونها حتى الآن متعطلة عن العمل.

سألته:

- هل يمكن شراء الكتب في مكتبات صنعاء؟

أجاب صالح البيضاني، الذي يجلس على يساري وقد ارتدى سترة سميكة وطاقية صوف:

- نعم، ولكن هذا ما يزيد من ثمن الكتب، لأن تاجر الكتب يرغب بدوره في أن يجني بعض المال. وهذه مشكلة. فالكتاب يتكلف ما بين ستمائة (٦۰۰) وألف (۱۰۰۰) ريال يمني، أي ما يعادل ما بين ٢۰,۲ و ۳,۷۰ يورو. ووإذا زاد سعرها لن يرغب أحد في شرائها.
عندئذ يتدخل بسام ويقول:

- أضف إلى ذلك أن سلوك القراءة قد تغير تغييرا جذريا. حيث يزداد باستمرار عدد الأشخاص الذين يقرأون الأدب التربوي، أى الكتابات ذات المحتوى الديني إلى جانب القرآن. لذا فلا معنى لعرض المؤلفون كتبهم في المحال.

ينشر صالح نصوصه على شبكة الإنترنت منذ وقت طويل. حيث يمكن لكل من يرغب أن يطلع عليها.
ورغم الموقف الصعب يوجد الكثير من الكتاب والكاتبات في اليمن.

يسلمنا سعيد دليل الكتاب، حيث يمكن العثور على عناوين الاتصال بهم. إلا أنه لا أحد يمكنه أن يكسب عيشه من الكتابة وحدها. لذا يمارس الجميع وظيفة ما ولكن دون الأدب يكون هناك جزء ناقص من هويتهم على حد قولهم. لذا يعمل صالح على سبيل المثال صحفيا أما بسام فهو ضابط.

يقول بسام:

في ألمانيا يمكن أن تعيش بسهولة على ماتجنيه من الكتب. الأمر يختلف هنا تماما.

وهنا كان علي أن أعترض.

كان الظلام قد حل في الخارج حين أرشدنا محمد عمران إلى قسم توزيع الجرائد، وهو عبارة عن غرفة ملقى بها حزم ولفافات من الجرائد.

وسأل الشاب الجالس خلف المكتب:

-كم عدد الكتب التي تطرحونها في الأسواق؟

وجاءت الإجابة:

- ولا كتاب.

أشار محمد عمران إلى بعض كتب الرسوم الهزلية، ثم إلى مجلة تحوي نصائح لوضع أدوات الزينة وقال:

- هذا هو ما يُباع. وهذا هو الذي يوزع.

إنها جملة تسري في كل بلد.

جلسنا على أرائك خشبية في حارة صغيرة خلف مكتب البريد، وطلبنا الفول، وهو طحين من الحبوب البنية اللون والسميكة. جاء صوت الطشة في القِدر من كل جانب. وكانت الروائح تعلق مثل الخيوط الرفيعة بين المطابخ لتلفنا، ثم تتمزق وتعود لتتعقد مرة أخرى. وفي أحد هذه المطاعم اكتشفنا وجود ميشائيل روس، مؤلف "الربع الخالي" الذي كان يتناول كبد الضأن. وهو موجود هنا لأنه يقوم بالبحث من أجل مشروع كتاب جديد كما أنه سيشارك في ذلك المؤتمر الذي سينعقد هنا خلال أسبوعين، وهو بمثابة لقاء للتواصل بين الكتاب المتحدثين بالألمانية والكتاب اليمنيين.

عندما هبطت السلم متوجها إلى النفق مرة أخرى حوالي الساعة الثامنة والنصف مساءا، كانت هناك ثلاث بنات أمام السيدة الجالسة على السلم. وكانت السيدة "الجديدة" تحملق بعينيها المفتوحتين واسعا في السقف. حيث يتلوى الضوء الضعيف حول اللون المطلي بشكل غير متساوٍ، ويلقي ظلالا تبدو مثل الأشباح الهزيلة، إنها أساطير كئيبة من أجل الليل.

ترجمة د. علا عبد الجواد