Mittwoch, 28. Januar 2009

Zu Gast - Arabisch معزوم

١٨يناير ٢۰۰٩

تعج صنعاء بالمساجد. بعضها كبير وملفت للنظر، وبعضها متواضع ويسهل إغفاله. ولكن كل حي وإن صغر يضم دار للعبادة ينادي فيه المؤذنون المؤمنين للصلاة عبر مكبرات الصوت تماما في المواعيد المحددة – خمس مرات يوميا. وهكذا يخيم ذلك الإنشاد المتداخل فوق الأسطح، ليكون بمثابة شبكة رقيقة من الأصوات، كما لو أن الله قد ألقى بعباءته الواقية على المدينة وسكانها.


إلتقيت بإمام الجامع ذي القبة الخضراء أمام منزله الذي يقوم العمال حاليا بترميمه. وهو رجل رقيق البنية يعطي الانطباع لأول وهلة بأنه شخص يتسم بالود. تغطي مكتبة ضخمة جدار من مفرجته، تحوي كتبا عن موضوعات دينية، وكذلك كتبا لشعراء وأدباء. جلسنا وانتظرنا المترجم للحظات ، بعد أن فرد سجادة الصلاة إلى جانبنا ليعوض مافاته من صلوات لم يتمكن من آداءها في وقتها.

هناك أئمة تعينهم إدارة الأوقاف، بينما يطالب المؤمنون آخرين بقبول هذا المنصب. ويمارس كثيرون منهم وظائف أخرى إلى جانب ذلك ، نظرا لأن الأتعاب التي يتقاضونها لا تكفي لإعالة أسرة. وهكذا تختلف الخطب التي يلقيها هؤلاء الأئمة يوم الجمعة في المساجد باختلاف شخصياتهم هم أنفسهم. ويقول الإمام:

- أنا أتحدث في الغالب عن أمور الحياة اليومية. عن الرعاية الصحية على سبيل المثال، وعن ضرورة وجود مياة نظيفة، كما أتحدث عن أن الرجل عليه أن يعامل زوجته معاملة حسنة.

تستمر خطبته حوالي نصف الساعة في المتوسط وتنقسم إلى جزئين، فهو يقول:

- تساعد هذه الاستراحة الناس على التركيز مرة أخرى. إذا تحدثت طويلا لن ينصت أحد إلي.

سألته إذا كان قد اتخذ من الحرب في غزة موضوعا لخطبته، فرد بالإيجاب. وقال أن كل إمام تحدث خلال هذه الأسابيع عن وضع الفلسطينيين. وقد اشتركت كافة الخطب في إدانة الهجوم الإسرائيلي.

عادة ما يتحدث إمام جامع القبة الخضراء بشكل حر في الجانب الأعظم من خطبته، ويكتب بين الحين والآخر ملاحظات، ولكنه نادرا ما يحتاج إليها حين يسبح في نهر حديثه المسترسل. كما قال أن المهم في الأمر هو أن يتحدث بطريقة تساعد غير المثقفين على متابعته وتسمح كذلك بأن يتعلم منه المثقفون شيئا. عندئذ تلتمع ابتسامة في عينيه.

سألته كيف يتخير موضوعا كل أسبوع فأجاب قائلا:

- القرآن موجود، إلى جانب وعظ الأئمة السابقين الذي يمكنه أن يلهمني، ولا يجب أن نغفل دور الإنترنت.

ولكن الحياة اليومية أيضا تجعل بعض الموضوعات ذات أهمية، حيث يأتي إليه الرجال لأن زوجاتهم فررن منهم وعدن ليسكن في بيوت ذويهن.

يعيش بعض أفراد الأسر في فقر، بينما يستطيع آخرون شراء سيارتين. تلك هى الحالات التي يساعد فيها الإمام ويستعين بالحوار الذي يكلل بالنجاح غالبا. كما أنه تحدث كذلك عن الإرهاب ، حيث أن موقفه في ذلك واضح، إذ يقول:

- المسلم المؤمن يكره القتل. فهو فعل يخالف إرادة الله. ويجب على الناس أن يساعدوا بعضهم بعضا ويحترموا بعضهم كذلك. لقد ألحقت الاغتيالات بالمسلمين ضررا كبيرا.

قلت له أن هناك الكثير من الناس في ألمانيا يربطون بكل أسف بين دينه وبين التعصب، كما أن وسائل الإعلام لا تذكر تقاريرا عن اليمن إلا عند اختطاف شخص ما.

هز الإمام رأسه غير مصدقا ثم قال أن صدام الحضارات ما هو إلا لقاء الجهالة. إذا عرف الناس أكثر عن الآخر بدلا من أن يخشوه لقلت المشاكل التي نعانيها. ثم أراد أن يعرف ما الذي ينبغي عليه أن يفعله هو وأهل بلده لتغيير هذه الصورة المرسومة لوطنه في الغرب.

فأجبته:

- لاشيء، للأسف.


كم كان استقبالي في هذا البلد يتسم بالانفتاح والود، إلا أن العكس لا يكون أبدا هو ما يحدث. أي أنه لا يوجد شخص واحد من أهالي لوكسمبورج أو ألمانيا يتوجه بالحديث إلى أجنبي في الشارع، ثم يدعوه بعد خمس دقائق من لقائهما إلى تناول الشاي أو إلى الطعام في منزله. ولكن لايذكر أحد شيئا عن ذلك في نشرات الأخبار . كما أنه لا يخطر ببال أحد على الإطلاق أن يطلق تحذيرا من قضاء الإجازات في أسبانيا أو فرنسا أو ألمانيا، إذا ما تم اختطاف أحد في تلك البلاد.

ثم دعانا الإمام إلى "طاولة الطعام". يوجد لحم وخضروات ومعكرونة. كوّن الضوء ستارا صارخ اللون عند النافذة، بينما جلسنا نحن على الأرض وقد انحنينا على أوعية الطعام.

سألت الإمام إذا كان يمكنني مواصلة الحديث رغم أننا نأكل.

أجاب الإمام:

- يجب علينا نحن أن نضع أنفسنا محل الضيف. وليس الضيف هو الذي يحل محلنا. فلتسأل!